فَصْلٌ فـي استـيلاءِ الكُفَّار
يَمْلِكُ بَعْضُ الكُفَّارِ بَعْضاً ، وَأَمْوَالَهُمْ وَ أَمْوَالَنَا : بِالاسْتِـيلاَءِ وَالإِحْرَازِ بِدَارِهِمْ ،
لا حُرَّنا وَتَوَابِعَهُ وَعَبْدَنَا الآبِقَ.
وَنَمْلِكُ بِهِمَا حُرَّهُمْ وَمَا هُوَ مِلْكُهُمْ. وَمَنْ وَجَدَ مِنَّا مَالَهُ ، أَخَذَهُ بِلاَ شَيء ، إِنْ
لَـمْ يُقْسَمْ ، وَبِالْقِـيمَةِ إنْ قُسِمَ ، وبِالثَّمَنِ إِنْ شَرَاه مِنْهُمْ تَاجِرٌ.
وَعَبْدٌ لَهُمْ أَسْلَـمَ ثَمَّةَ فَجَاءَنَا ، أَوْ ظَهَرْنَا عَلَـيْهِمْ ، عُتِقَ.
كَعَبْدٍ مُسْلِـمٍ شَرَاهُ كَافِرٌ مُسْتَأْمَنٌ هُنَا وَأَدْخَـلَهُ دَارَهُم.
وَلاَ يَتَعَرَّضُ تَاجِرُنَا ثَمَّةَ لِدَمِهِمْ وَمَالِهِمْ ، إلاّ إذا أَخَذَ مَلِكُهُمْ مَالَهُ أَوْ غَيْرُهُ بِعِلْـمِهِ. وَمَا أَخْرَجَهُ مَلَكَهُ حَرَاماً ، فَـيَتَصَدَّق بِهِ. وَلاَ يُمَكَّنُ حَرْبِـيٌّ هُنَا سَنَةً ، وِقِـيلَ لَهُ : إنْ أقَمْتَ هُنَا سَنَةً نَضَعُ عَلَـيْكَ الـجِزْيَةَ.
فَإِنْ أقَامَ سَنَةً ، فَهُوَ ذِمِّيٌّ لا يُتْرَكُ أنْ يَرْجِعَ.
(فَصْلٌ فـي الـجِزْيَة)
وَلاَ تَتَغَيَّرُ جِزْيَةٌ وُضِعَتْ بِصُلْـحٍ.
وَإِذَا غُلِبُوا وَأُقِرُّوا عَلَـى أَمْلاَكِهِمْ تُوضَعُ عَلَـى : كِتَابِـيَ ، وَمَـجُوسِيَ ، وَوَثَنِـيَ ، عَجَمِيَ ظَهَرَ غناه ، لِكُلِّ سَنَةٍ ثَمَانِـيَةٌ وَأَرْبَعُونَ دِرْهَماً ، وَعَلَـى الـمُتَوَسِّطِ نِصْفُهَا ، وَعَلَـى فَقِـيرٍ يَكْتَسِبُ رُبْعَهَا.
لا عَلَـى وَثَنِـيَ عَرَبِـيَ ، فَإِنْ ظُهِرَ عَلَـيْهِ ، فَطِفْلُهُ وَعِرْسُهُ فـيءٌ ، وَلاَ مُرْتَدَ ، فَلاَ يُقْبَلُ مِنْهُمَا إلاّ الإسْلامُ أوْ السَّيْف ،
وَلاَ عَلَـى رَاهِبٍ لاَ يُخَالِطُ النَّاسَ ، وَلاَ عَلَـى صَبِـيَ ، وامْرَأَةٍ ، ومَـمْلُوكٍ ، وأَعْمَى ، وزَمِنٍ ، وَ فَقِـيرٍ لاَ يَكْتَسِبُ.
وَتَسْقُطُ بِالْـمَوْتِ وَالإِسْلاَمِ ،
وَتَتَدَاخَـلُ بِالتَّكْرَار.
وَلاَ تُـحْدَثُ بِـيعَةٌ وَ كَنِـيسَةٌ فِـي دَارِنَا ، وَلَهُمْ إعَادَةُ الـمُنْهَدِمِ.
وَمُيِّزَ الذِّمِّيُّ فِـي : زِيِّهِ ، وَ مَرْكَبِهِ ، وَسَرْجِهِ ، وَسِلاَحِهِ ، فَلاَ يَرْكَبُ خَيْلاً ، وَلاَ يَعْمَلُ بِسِلاحٍ ، وَيُظْهِرُ الكُسْتِـيجُ ، وَيَرْكَبُ عَلَـى سَرْجٍ كَإكَافٍ.
وَمُيِّزَتْ نِسَاؤُهُمْ فِـي الطُّرُقِ وَالـحَمَّامِ ، ويُعَلَّـمُ عَلَـى دُورِهِمْ ، لِئَلاَّ يَسْتَغْفِرَ لَهُمْ السَّائِلُ.
وَمَصْرِفُ الـجِزْيَةِ وَالـخَرَاجِ وَمَا أُخِذَ مِنْهُ بِلاَ حَرْبٍ مَصَالِـحُنَا : كَسَدِّ ثَغْرٍ ، وَبِنَاءِ جِسْرٍ ، وَرِزْقِ العُلَـمَاءِ وَالعُمَّالِ وَالـمُقَاتِلَةِ وَذُرِّيَّتِهِمْ.
أحْكَامُ الـمُرْتَّدِّ
وَمَنِ ارْتَدَّ ـ وَالعِيَاذُ بِاللَّهِ ـ عُرِضَ عَلَـيْهِ الإِسْلاَمُ ، وَكُشِفَتْ شُبْهَتُهُ ، فَإِنِ اسْتَمْهَلَ حُبِسَ ثَلاَثَةَ أيَّامٍ. فَإِنْ تَابَ فِـيهَا ، وَإِلاّ قُتِلَ.
وَهِيَ بِالتَّبَرِّي عَنْ كُلِّ دِينٍ سِوَى الإِسْلاَمِ ، أَوْ عَمَّا انْتَقَلَ إِلَـيْهِ. وَقَتْلُهُ قَبْلَ العَرْضِ تَرْكُ نَدْبٍ بِلاَ ضَمَانٍ.
وَيَزُولُ مِلْكُهُ عَنْ مَالِهِ مَوْقُوفاً ،
فَإِنْ أَسْلَـمَ عَادَ.
وَإِذا مَاتَ أَوْ قُتِلَ أَوْ لَـحِقَ بِدَارهِمْ ، وَحُكِمَ بِهِ ، عَتَقَ مَدَبَّرُهُ وَأُمُّ وَلَدِهِ ، وَحَلَّ دَيْنٌ عَلَـيْهِ ، وَكَسْبُ إِسْلاَمِهِ لِوَارِثِهِ الـمُسْلِـمِ ، وَكَسْبُ رِدَّتِهِ فَـيءٌ.
وَقُضِيَ دَيْنُ كُلِّ حَالٍ مِنْ كَسْبِ تِلْكَ الـحَالِ.
وَبَطَلَ نِكَاحُهُ وَذَبْحُهُ ، وَصَحَّ طَلاَقُهُ واسْتِـيلاَدُهُ.
وَيُوقَفُ بَـيْعُهُ وَمَعَامَلَتُهُ ،
إِنْ أَسْلَـمَ نَفَذَ ، وَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ أوْ لَـحِقَ وَحُكِمَ بِهِ ، بَطَلَ.
فإِن جَاءَ مُسْلِـماً قَبْلَ حُكْمٍ ، فَكَأَنَّهُ لَـمْ يَرْتَدَّ. وَإِنْ جَاءَ بَعْدَهُ وَمَالُهُ مَعْ وَرَثَتِهِ أَخَذَهُ.
وَلاَ تُقْتَلُ مُرْتَدَّةٌ ، وَتُـحْبَسُ حَتَّـى تُسْلِـمَ.
وَصَحَّ تَصَرُّفُهَا ، وكَسْبَاهَا لِوَرَثَتِهَا.
وَصَحَّ ارْتِدَادُ صَبِـيَ يَعْقِلُ وَإِسْلاَمُهُ ، وَيُجْبَرُ عَلَـيْهِ ، وَلاَ يُقْتَلُ إنْ أبَى.
فَصْلٌ فـي البُغَاةِ
وَالبُغَاةُ قَوْمٌ مُسْلِـمُونَ خَرَجُوا عَنْ طَاعَةِ الإِمَامِ ، فَـيَدْعُوهُمْ إِلـى العَوْدِ وَيَكْشِفُ شُبْهَتَهُمْ.
فَإِنْ تَـحَيَّزُوا مُـجْتَمِعِينَ ، حَلَّ لَنَا قِتَالُهُمْ ابْتِدَاءً.
وَيُجْهَزُ عَلَـى جَرِيحِهِمْ ، وَيُتَّبَعُ مُوَلِّـيهِمْ إِنْ كانَ لَهُمْ فِئَةٌ.
وَلاَ تُسْبَى ذُرِّيَّتُهُمْ ، وَيُحْبَسُ مَالُهُمْ إلـى أنْ يَتُوبُوا. وَيُسْتَعْمَلُ سِلاَحُهُمْ وَخَيْلُهُمْ عِنْدَ الـحَاجَةِ.
وَبَاغٍ قَتَلَ عَادِلاً ، إن ادَّعَى حَقِّـيَّتَهُ ، يَرِثُ ، كَعَكْسِهِ. وَلاَ يَجِبُ شَيْءٌ بِقَتْلِ بَاغٍ مِثْلِهِ.